عقد المجلس الاعلى للسكان والمجلس الوطني لشؤون الاسرة وبدعم فني ومالي من لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) اليوم الاربعاء، ورشة عمل بناء قدرات حول إدماج قضايا كبار السن في عملية صنع السياسات في الأردن، بمشاركة ممثلين معنيين عن مختلف الوزارات والهيئات الحكومية وغير الحكومية ذات العلاقة، واللجنة الوطنية لكبار السن.
وتهدف الورشة التي تستمر على مدار يومين إلى بناء قدرات صناع السياسات ومختلف أصحاب المصلحة في مختلف القطاعات الحكومية لإدماج قضايا وأولويات كبار السن في عملية صنع السياسات، بالإضافة إلى رفع الوعي حول حقوق كبار السن في الأطر العالمية، وتركز الورشة على تمارين تفاعلية لرفع قدرة المشاركين على تحليل السياسات وتطويرها من منظور كبار السن.
وأكدت الامينة العامة للمجلس الاعلى للسكان الدكتورة عبلة عماوي على أن هذه الورشة تأتي نظراً لإيمان المجلس الأعلى للسكان بأهمية الشراكات مع كافة القطاعات العامة والخاصة ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الدولية لدعم السياسات والقضايا السكانية والتنموية ومن ضمنها تلك المتعلقة بفئة كبار السن.
واشارت انه حسب تقديرات دائرة الإحصاءات العامة لعام 2020، فإن عدد كبار السن في الأردن بلغ 588109 نسمة (299450 ذكور، 288659 إناث) يشكلون ما نسبته (5,4%) من مجمل سكان المملكة، في حين بلغ عدد كبار السن الأردنيين (459286) نسمة (231428 ذكور، 227858 إناث) ويشكلون ما نسبته (6,1%) من مجمل السكان الأردنيين، وتشير الإسقاطات الوطنية الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة إلى أن كبار السن في الأردن (60 سنة فاكثر) سيرتفع وحسب السيناريو المتوسط إلى (929114) نسمة عام 2030، وإلى (1619076) نسمة عام 2050 وبما نسبته (7,7%) عام 2030، وما نسبته (13,5%) عام 2050 وذلك من إجمالي سكان المملكة.
وأكدت عماوي على أن وصول الأردن إلى هذه النسبة عام 2050 يعد مؤشراً على بداية دخول الأردن مرحلة المجتمعات الهرمة بعد 30 عاماُ من بداية المئوية الثانية للأردن، ومن هنا يأتي تأكيد المجلس الأعلى للسكان على أهمية الاستعداد ومأسسة الحماية الاجتماعية لهذه الشريحة وإيجاد اليات توظيف هذه الشريحة في فرصة سكانية أخرى قائمة على الاستثمار في شريحة كبار السن.
ولفتت عماوي أن المجلس الأعلى للسكان الذي يعتبر المرجعية الوطنية لقضايا السكان، يتابع عن كثب التغيرات الديموغرافية في الأردن، ويتابع تقييم أثار السياسات والبرامج السكانية على الهيكل العمري للسكان والخصائص السكانية، مبينة أن الأردن شهد زيادة كبيرة في متوسط العمر المتوقع عند الولادة منذ عام 1961 حسب التقارير الإحصائية الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة، فقد بلغ عدد السنوات المضافة إلى العمر المتوقع 19,3 سنة (من 54 سنة في عام 1961 إلى 73,3 سنة في عام 2019)، ونجمت هذه الزيادة بسبب التحسن الملحوظ في الظروف المعيشية والصحية للسكان، مما انعكس بشكل إيجابي على فرص البقاء على قيد الحياة، مما يتطلب ذلك إعادة النظر في تعريف شريحة كبار السن وطنياً، بما يضمن أن توظف هذه السنوات الإضافية كسنوات إنتاج في التشريعات والإستراتيجيات والسياسات الوطنية.
وبدوره، أكد أمين عام المجلس الوطني لشؤون الأسرة الدكتور محمد فخري مقدادي على أهمية هذه الورشة في العمل على مأسسة قضايا كبار السن في الأردن، واهمية تسليط الضوء على قضاياهم لتصبح أولوية وطنية، مشيراُ إلى عمل المجلس الوطني لشؤون الأسرة على إعداد الاستراتيجية الوطنية لكبار السن وخطتها التنفيذية للأعوام (2018 – 2022)، والتي تشكل الاساس للتخطيط في دمج قضايا كبار السن في السياسات الوطنية من خلال المحاور والاولويات التي تتضمنها.
وقال مقدادي أن المجلس يعمل على متابعة تنفيذ انشطة الخطة التنفيذية مع اللجنة الوطنية لمتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لكبار السن والمشكلة بقرار من رئاسة الوزراء، والتي يمثل اعضاؤها كافة المؤسسات الوطنية المعنية.
وأشار إلى انجازات الاردن فيما يتعلق بالتشريعات الخاصة بكبار السن، حيث نص الدستور الاردني في الفصل الثاني حول حقوق الأردنيين وواجباتهم وفي المادة السادسة البند الخامس على حماية حقوق كبار السن وحمايتهم من الاساءة والاستغلال، كما وتضمنت معظم التشريعات الأردنية كقانون الأحوال الشخصية وقانون العقوبات وقانون الضمان الاجتماعي وغيرها من التشريعات في موادها بعض النصوص الخاصة بموضوع حماية حقوق كبار السن، وإلى جانب ذلك جاءت مطالب الاستراتيجية الوطنية لكبار السن في أهمية وجود قانون يحمي حقوق كبار السن بحيث يشمل كافة الحقوق المتعلقة بهم.
ومن جانبها بينت المستشارة الإقليمية لشؤون السكان في لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) الدكتورة سارة سلمان أن موضوع الورشة يكتسب أهمية إضافية في ظل تحولات ديمغرافية ستؤدي إلى ارتفاع أعداد ونسب كبار السن في المنطقة العربية، حيث من المتوقع أن يتخطى عدد من هم فوق ال60 عاماً 100 مليون بحدود العام 2050، مبينة انه وفي الأردن من المتوقع أن تبدأ عملية الانتقال نحو الشيخوخة (وهي المرحلة التي يرتفع فيها نسبة كبار السن من 7 إلى 14% من السكان) في العام 2035، وستكون عملية سريعة جداً تستمر نحو عقدين.
وأضافت أن هذه الوتيرة السريعة للتحولات الديمغرافية تفرض على الدول العربية الاستجابة السياساتية الملحة لضمان الشيخوخة بكرامة لكبار السن اليوم وفي المستقبل القريب، مشيرة أن معظم الدول العربية تواجه ضغوطاً كبيرة لتلبية احتياجات مجتمعاتها الفتية وبنفس الوقت التحضير لمرحلة شيخوخة السكان، وجاءت جائحة كورونا لتزيد من هذه التحديات وتفرض عراقيل إضافية.