أكدت الامينة العامة للمجلس الأعلى للسكان الدكتورة عبلة عماوي على أن الأردن لم يتراجع بشكل فعلي بالتصنيف العالمي لعام 2021 ضمن معيار " الصحة والبقاء على قيد الحياة"، والذي يعد أحد المعايير الأربعة التي يقيسها التقرير العالمي للفجوة بين الجنسين والصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، والذي بين أن الأردن احتل المرتبة 145 عام 2021، بعد أن احتل المرتبة 103 عام 2020 في هذا المعيار.
وأوضحت عماوي أن التقرير يقيس معيار " الصحة والبقاء على قيد الحياة"، من خلال مؤشرين هما، نسبة الجنس عند الولادة (أنثى / ذكر)، ومتوسط العمر الصحي المتوقع عند الميلاد، مبينة انه وبالنسبة للمؤشر الأول فقد حقق الأردن علامة التكافؤ الكامل بين الجنسين على هذا المؤشر وهي نسبة (0.944)، حسب أخر اربع تقارير للفجوة بين الجنسين (2017، 2018، 2020، 2021)، وعليه جاء ترتيب الأردن الأول بين الدول التي شملتها هذه التقارير، وقد يعزى ذلك إلى القيود التي تفرضها الأردن على الإجهاض، إذ تنحصر حالات الإباحة لحالات الإجهاض في الأردن في حالات الإجهاض الطبيعي التلقائي (لاإرادي)، والإجهاض المتعمد القانوني (الطبي) والناتجة عن أسباب طبية مثل التخلص من الجنين الميت في رحم الأم، أو لإنقاذ حياة الأم في حالة وجود مضاعفات لها مع استمرار الحمل، أو التشوهات الخلقية التي لا يمكن معها إن يعيش الجنين بعد الولادة (وتحتاج إلى فتوى شرعية)، وعكس ذلك وما يقع ضمن حالات الإجهاض المتعمد غير القانوني، فهو محرم ومجرم، ولا يسمح به في الأردن.
اما بالنسبة للمؤشر الاخر المتعلق بمتوسط العمر الصحي المتوقع عند الميلاد، والذي يعني متوسط عدد السنوات التي يتوقع للمرء أن يعيشها بصحة كاملة مع الأخذ بعين الاعتبار السنوات التي عاشها في حاله صحية اقل من الكاملة بسبب المرض أو الإصابة، بينت عماوي انه وحسب أخر تقريرين للفجوة بين الجنسين (2020، 2021) تراجع ترتيب الأردن على هذا المؤشر من (112 من أصل 138 دولة) عام 2020 إلى (153 من أصل 156 دولة) عام 2021، مما أثر سلباً على ترتيب الأردن بين الدول ضمن معيار " الصحة والبقاء على قيد الحياة".
وأضافت انه وبتتبع قيم متوسط العمر الصحي المتوقع عند الميلاد التي استندت عليها تقارير الفجوة بين الجنسين (2018، 2020، 2021) وما يقابلها من واقع قاعدة بيانات المرصد الصحي العالمي المحدثة عام 2020، يظهر أن تقارير الفجوة بين الجنسين للأعوام (2018 و2020) اعتمدت على توقعات قيم متوسط العمر الصحي المتوقع للأردن لعام 2016، المعدة من قبل منظمة الصحة العالمية، ثم انتقلت في تقريرها لعام 2021 للاعتماد على قيم المؤشر لعام 2019 والمنشورة على قاعدة بيانات المرصد العالمي لمنظمة الصحة العالمية (سلسلة تحديث عام 2020)، والتي تنوه في منشوراتها إلى أن التقديرات الجديدة في هذه السلسلة غير قابلة للمقارنة مع تقديرات منظمة الصحة العالمية الصادرة سابقًا، وبالمقابل فإن اتجاه قيم متوسط العمر الصحي للإناث في تقريري الفجوة بين الجنسين (2018، و2020) يختلف عن الاتجاه في تقرير 2021 والذي استخدم قيم من سلسلة التقديرات المحدثة لمنظمة الصحة العالمية عام 2020.
وأشارت انه وبناء على ذلك فإن الانتقال من استخدام توقعات مؤشر متوسط العمر الصحي المتوقع عند الميلاد لعام 2016 والموحدة في تقارير الفجوة بين الجنسين لعامي (2018، و2020)، إلى استخدام قيمة المؤشر لعام 2019 من واقع سلسلة محدثة عام 2020 للتعبير عن وضع الأردن على هذا المؤشر في تقرير الفجوة لعام 2021، كان السبب في تراجع ترتيب الأردن على هذا المؤشر، مبينة أن علامة الأردن بلغت عام 2020 (1.032) وتراجعت حسب تقرير عام 2021 إلى (0.9868) ، في حين حافظ متوسط العمر الصحي المتوقع لكلا الجنسين عند الميلاد على استقرار خلال الفترة (2015-2019)، أي لم يحصل تغيير على متوسط العمر المتوقع الصحي للإناث إلى العمر المتوقع الصحي للذكور خلال هذه الفترة، إذ بقي متوسط العمر الصحي المتوقع عند الميلاد (68.06 سنة للذكور مقابل 67.17 للإناث) للأعوام 2015 و 2019، وأن التراجع ناتج عن الانتقال إلى استخدام قيم من سلسلة جديدة مختلفة كلياً عن السلسلة السابقة.
وفي مجال الفجوة بين الجنسين بمتوسط العمر الصحي المتوقع عند الميلاد، بينت عماوي أن الأرقام والاحصائيات تُظهر انه بين عامي 2000 و2019، ارتفع متوسط العمر الصحي المتوقع عند الميلاد لكلا الجنسين مجتمعين في الاردن من 63.6 سنة عام 2000 إلى 67.6 سنة عام 2019، في حين بلغ المتوسط 63.7 سنة على المستوى العالمي لعام 2019، وللذكور ارتفع من 64.95 سنة عام 2000 إلى 68.06 سنة عام 2019، مقابل 62.5 سنة على المستوى العالمي لعام 2019، أما بين الاناث ارتفع من 62.27 سنة عام 2000 إلى 67.17 سنة عام 2019، مقابل64.9 سنة على المستوى العالمي لعام 2019، مشيرة أن ذلك يعني أن العمر الصحي المتوقع عند الولادة في الأردن يفوق ما يقابله على المستوى العالمي لعام 2019 لكلا الجنسين، كما تبين الارقام أن الإناث في الأردن يتمتعن بعمر صحي افتراضي عند الميلاد اقل من الذكور، مما يعكس قضية رئيسة وهي أن الإناث في الأردن يقضين سنوات أطول من الذكور في أوضاع غير صحية.
وأكدت عماوي على ضرورة تركيز جهود الوقاية من الأمراض غير السارية لدى الجنسين، إذ تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية لعبء المرض في الأردن باستخدام عدد السنوات الصحية المفقودة بسبب العجز أو الإصابة بالمرض أو الوفاة حسب السبب والجنس لعام 2019 أن الأمراض غير السارية شكلت السبب الرئيس لفقدان السنوات الصحية نتيجة العجز أو الوفاة لكلا الجنسين، لكنها كانت الأشد تأثيرا لدى الإناث، فقد كانت مسؤولة عما نسبته 76.9% من السنوات الصحية المفقودة لدى الإناث مقابل 67.9% لدى الذكور، وانه من بين الأسباب العشرة الأولى المسؤولة عن فقدان السنوات الصحية بسبب العجز أو الإصابة بالمرض أو الوفاة في الأردن كانت ثمانية منها لدى الإناث وسبعة لدى الذكور تعود إلى الأمراض غير السارية.