يصادف اليوم الاحد اليوم العالمي للطفلة/ الفتاة، والذي يأتي بتاريخ 11 تشرين اول من كل عام، ويسعى هذا اليوم إلى تسليط الضوء على الاحتياجات والتحديات التي تواجه الفتيات ومعالجتها، وأهمية تمكين الفتيات وتحقيق حقوقهن الإنسانية، حيث جاء هذا العام تحت شعار "صوتي، مستقبلنا المتكافئ"، ويشكل الاطفال حوالي 40% من سكان الأردن وفق التقديرات السكانية لعام 2019، منهم 39 %ذكور منهم مقابل 41.5 % من الإناث.
وبينت الامينة العامة للمجلس الأعلى للسكان الدكتورة عبلة عماوي في بيان صحفي خاص بالمناسبة أن فئة الفتيات تعتبر من بين أكثر فئات الأطفال ضعفاً في الأردن، ويواجهن مجموعة متنوعة من الحواجز التي تمنعهن من الاستفادة من قدراتهن الكاملة، مشيرة إلى انه وفي الوقت الذي تشير الاحصائيات إلى ارتفاع نسب الفتيات في التعليم مقارنة بأقرانهنّ الذكور، إلا أنهن يواجهن العديد من التحديات التي تحول دون تحقيق التنمية العقلية والاجتماعية والذهنية الضرورية لتمكينهنّ كمواطنات فاعلات في المجتمع مستقبلاً، أبرزها ارتفاع نسبة التسرب من المدرسة لدى الفتيات مقارنة بالفتيان بنسبة (0.4 % و 0.36 % على التوالي)، مع ملاحظة أن الانسحاب من المدرسة يبلغ ذروته عند وصول الفتيات إلى الصف العاشر بنسبة 0.87 %، لتصبح الفتيات جليسات المنازل أو ينتهي بهن المطاف للزواج مبكراً، خاصة وأن نسبة حالات الزواج المسجلة لفتيات قاصرات هي 11.6 % من مجمل حالات الزواج في المملكة لعام 2018.
واكدت عماوي على أن زواج القاصرات يعد أحد أشكال العنف المبني على النوع الاجتماعي الممارس ضد الفتيات، لما يتسبّب به من أضرار جسدية وجنسية ونفسية طويلة الأمد، حيث يشير مسح السكان والصحة الأسرية في الأردن لعام (2017-2018) إلى أن الفتيات المتزوجات في الفئة العمرية (15-19 سنة) هن الأكثر عرضة للعنف الجسدي بنسبة 24.9% مقارنة بالسيدات المتزوجات في الفئات العمرية الأكبر، والأكثر تقبلاً لقيام الزوج بضرب زوجته بنسبة 62.5 %، كما أنهن الأقل ميلاً بنسبة 66.3 % إلى اتخاذ قرارات محددة بأنفسهن حول الرعاية الصحية والخيارات الاقتصادية والاجتماعية الخاصة بالأسرة، كما وجد أن الأمهات في هذه المرحلة العمرية يعانين من فقر الدم بنسبة 43.1%، والذي له انعكاسات صحية تضر بصحة الأم والمولود.
ونبهت عماوي إلى أن المراهقين والمراهقات من ذوي الإعاقة عرضة لخطر أعلى للمعاناة من الاضطرابات العاطفية بالمقارنة مع أقرانهم من غير ذوي الإعاقة، مبينة أن 41% من الأشخاص ذوي الإعاقة في الأردن هم من الإناث، حيث تعتبر الفتيات أقل احتمالاً لإكمال التعليم المدرسي والجامعي مقارنةً بالفتيان، كما أن 4.8% فقط من الإناث ذوات الإعاقة (15 سنة فأكثر) نشيطات اقتصادياً.
ولفتت انه وفي ظل الظروف الراهنة، تعزز جائحة فيروس كورونا الفجوات اللاتي تعاني منها النساء والفتيات اليوم، ففي أوقات الأزمات وعندما تكون الموارد متوترة والقدرة المؤسسية محدودة، تواجه النساء والفتيات تأثيرات متفاقمة لها عواقب بعيدة المدى، والتي تشتد في سياقات الهشاشة والصراع وحالات الطوارئ، وهذا ما نشهده اليوم حينما اشتدت وتيرة العنف الممارس ضد النساء منذ بداية الحجر القسري بنسب تصل إلى 30 % في عدة دول حول العالم.
وبين المجلس أن اللجوء يفرض أخطاراً مضاعفة على الأطفال والمراهقين بالأخص الفتيات، حيث أن العديد من الفتيات اللاجئات السوريات خسرن منازلهن، وشهدن أو تعرضن للعنف ويعشن ظروفاً من الفقر، كما أنهن أكثر عرضة للعنف والاستغلال وعمالة الأطفال والتهميش من قبل العائلة، مشيراً أن هناك العديد من العائلات تلجأ لزواج الأطفال لحماية الفتيات بسبب تلك الظروف، خاصةً وأن 86 % من اللاجئين السوريين في الأردن يعيشون تحت خط الفقر.
وأضاف المجلس أن العمالة السورية تواجه صعوبات مضاعفة في مواجهة الجائحة، حيث خسر 17% منهم عمله بشكل دائم، وما يقارب 70 % يعملون في أعمال غير مستقرة، وبلغت نسبة الانخفاض في معدل أجورهم 40% على أثر الجائحة، إلى جانب المخاطر الصحية المعرضين لها، علماً بأن 85 % منهم غير مغطيين بأي تأمين صحي، ما أدى بهم إلى اختيار الزواج المبكر للفتيات كحل للتخفيف من الأعباء، ووفقاً للدراسة التي أعدها المجلس الأعلى للسكان "زواج القاصرات في الأردن"، فإن 4 من بين كل 10 إناث سوريات متزوجات كن قاصرات.
ولفت المجلس انه وبشكل عام تعيش الفتيات في الأردن واقعاً لا يدعو للتفاؤل، ففي الوقت الذي نجحت به فتاة في السادسة عشرة من عمرها من قيادة حملة على مستوى العالم تحرّك بها صنّاع القرار للتوجه نحو قضية التغير المناخي، لا تزال مناهجنا المدرسية حتى اليوم ترسخ القوالب النمطية للمرأة المتمثلة بكونها عاطفية وغير قادرة على اتخاذ القرارات بعقلانية والصاقها بالأدوار الرعائية والإنجاب والعمل في وظائف محدودة تناسب هذه الصورة، بالإضافة إلى الأساليب التربوية المتبعة من قبل الوالدين، اذ يتعرض 81% من الأطفال إلى الأساليب العنيفة لضبطهم، ذلك إلى جانب التغافل عن الرعاية الجنسية والانجابية للفتيات والمراهقات وغياب الجانب التوعوي والتثقيفي الضروري لوصولهن إلى الرفاه الصحي في هذه المرحلة الحاسمة من تطورهن الجسدي والنفسي.
وأضاف المجلس أن المرأة في الأردن بالوقت الحالي لا تتعدى مشاركتها الاقتصادية في سوق العمل 15%، ولا يمكنها أن تصل الى قبة البرلمان بدون قانون يكفل لها ذلك، ولا تزال جنسيتها ترف لا يمكن لأبنائها الحصول عليه، وأوصى المجلس بضرورة الاستثمار في إنهاء التمييز ضد الفتيات وإزالة الحواجز في مجالات الصحة والتغذية والتعليم والمجالات ذات الصلة التي تمنعهن من تحقيق كامل إمكانياتهن وتحقيق مستقبل أكثر إشراقاً.