الخميس, 4 نيسان 2019
اكد المجلس الأعلى للسكان أن قضية زواج القاصرات تعتبر من القضايا السكانية الهامة التي تهدد مستوى الخصائص السكانية للمجتمع والجهود الرامية إلى الانتفاع من مرحلة التغير الديموغرافي التي يمر بها الأردن، ولها أثر بالغ على ارتفاع معدلات الخصوبة، كما وتضعف من مشاركة المرأة الاقتصادية وفيها انتهاك للعديد من الحقوق الإنسانية المشروعة للفتاة ومنها الحق في التعليم والحق في تنمية القدرات والاختيار الواعي، والحق في ضمان تكافؤ الزواج وبناء علاقات اسرية سوية، حيث ينعكس اهدار تلك الحقوق سلبياً على نوعية وجودة الحياة للفتاة وعلى صحتها الإنجابية.
وبين المجلس خلال ايجاز ارسله لمجلس الاعيان حول قضية زواج القاصرات في الأردن لإثراء النقاش حول موضوع تعديل التشريعات المتعلقة بهذه القضية، انه وانطلاقاً من دوره في مواجهة القضايا السكانية ، ومن ضمنها قضية زواج القاصرات والتي عادت للظهور بشكل لافت خلال الخمس سنوات الأخيرة حيث بلغت نسبة زواج الأطفال دون سن 18 سنة حوالي 18.1% من جميع الزيجات في الأردن عام 2015 ، قام بنفس العام بعقد ورشة عمل حضرها عدداً من المختصين ممثلي المؤسسات الوطنية ذات العلاقة للتباحث في القضية، واستناداً لتوصيات هذه الورشة نفذ المجلس دراسة متخصصة لغايات تحديد حجم المشكلة واتجاهاتها الزمنية والجغرافية ومعرفة اثارها والأسباب والدوافع وراءها، وخرج المجلس بملخص سياسات مقترحة.
ولفت المجلس إلى انه تم إقرار الدراسة وملخص السياسات من قبل رئاسة الوزراء بتوصية من لجنة الخدمات والبنى التحتية والشؤون الاجتماعية في الرئاسة، كما تم الايعاز من رئيس الوزراء للمؤسسات المعنية لتنفيذ توصياتها والتي ترجمت إلى تبني خطة عمل وطنية للحد من زواج من هم دون سن 18 سنة للأعوام 2018-2022 تم إقرارها وتعميمها ايضاً من رئاسة الوزراء، حيث تمثلت اهم توصيات الدراسة وخطة العمل بالنظر في تعديل الاستثناءات في الفقرة (ب) من البند العاشر في قانون الأحوال الشخصية رقم 36 لسنة 2010.
واكد المجلس على أن قضية زواج القاصرات تعتبر مشكلة في ثقافة المجتمع الاردني، اذ بين التعداد العام للسكان والمساكن 2015 ارتفاع نسبة المتزوجات دون سن 18 سنة من مجمل المتزوجات على المستوى الوطني من 13.7% عام 2010 الى 18.1% عام 2015، مدفوعة بازدياد عدد السوريات المتزوجات دون سن 18 واللواتي شكلن عام 2015 ما يعادل نصف الزيجات السوريات في الاردن، وايضاً مدفوعاً بالاتجاه بازدياد اعداد المتزوجات الاردنيات دون سن 18 سنة خلال الفترة 2013-2015، اذ ارتفعت من 10.2% عام 2013 إلى 11.6% عام 2015 وذلك بعد استقرار في الاتجاه والنسبة على اقل من 10% خلال الفترة 2010-2012.
ولفت المجلس إلى أن الأدلة تظهر التأثير السلبي لزواج الأطفال على مجموعة واسعة من نتائج التنمية والتكاليف الاقتصادية المرتبطة بهذه التأثيرات، حيث انه لا يمكن الحديث عن زواج الأطفال من الناحية الاقتصادية فقط بل يجب الحديث ايضاً عن التكلفة البشرية لهذه الممارسة للفتيات اللواتي يختبرنها، حيث أن هناك ادلة متنامية عالمياً على أن الحمل المبكر هو من الأسباب الرئيسية لوفاة الفتيات في الفئة العمرية 15-19، كما أن لزواج الأطفال آثار سلبية على الصحة العقلية والنفسية لا سيما بالنسبة للفتيات اللواتي يتزوجن قبل سن 15 سنة.
وبين المجلس انه من المقلق أن هناك زيجات لمن هن دون السن القانوني أو سن الاستثناء، فمن بين (36،676) فتاة اردنية عمرهن عام 2015 اقل من 25 عام وتزوجن دون سن 18 سنة؛ تزوجت 1,638 فتاة دون سن 15 عام اي بما نسبته (4.5%)، وتزوجت 6،959 فتاة عند العمر15 اي بما نسبته (19%)، وتزوجت 11،777 فتاة عند العمر 16 وبما نسبته (32%)، و16،302 فتاة عند العمر 17 بما نسبته (44.4%) وذلك من مجمل الاناث الاردنيات اللواتي عمرهن عام 2015 اقل من 25 عام وتزوجن دون سن 18عام.
وأوضح المجلس انه من بين (34،407) فتاة سورية عمرهن عام 2015 اقل من 25 عام وتزوجن دون سن 18 سنة، تزوجت 5،169 فتاة دون سن 15 عام اي بما نسبته (15%)، وتزوجت 8،769 فتاة عند العمر15 اي بما نسبته (25.5%)، كما تزوجت 10،209 فتاة عند العمر 16 وبما نسبته (29.7%)، و10،260 فتاة عند العمر 17 بما نسبته (29.8%) وذلك من مجمل الاناث السوريات اللواتي عمرهن عام 2015 اقل من 25 عام وتزوجن دون سن 18 عام.
وبين المجلس أن أبرز أسباب زواج القاصرات في الأردن تتمثل في الفقر والتخلص من مسؤولية الفتاة المادية، والرسوب المتكرر والتسرب او الفشل الدراسي، والتنشئة الاجتماعية والتخلص مما يسمى بمسؤولية "حماية شرف الفتاة"، والعادات والتقاليد.
وحول الاثار السلبية لزواج القاصرات على التنمية البشرية ومستقبل الأردن، أشار المجلس إلى انه اذا اخدنا اهتمام الحكومة الاردنية بالتنمية البشرية فإن هناك تكلفة باهظة بالنسبة للفتيات اللواتي يتزوجن كطفلات، حيث إن الزواج المبكر ينهي طفولتهن وتعليمهن وكثيراً ما يعرض صحتهن ورفاههن الاقتصادي للخطر، وهذا يؤدي إلى تكاليف اقتصادية كبيرة للمجتمع، ومن أبرز مظاهر ذلك انه من الأرجح أن تكون العرائس الأطفال فقيرات وأن تبقى فقيرة، وأن الفتيات اللواتي يتزوجن قاصرات أقل احتمالاً لتلقي التعليم الذي يحتاجون إليه ليعيشوا حياة صحية ومنتجه، كما انه وبدون تعليم فإنهن أقل قدرة على كسب دخل لرفع أنفسهن وعائلاتهن من الفقر، بالإضافة إلى أن المتزوجات دون سن 18 سنة هن الاضعف من حيث تمتعهن بتامين صحي، كما أن ازواجهن على الأغلب حالتهم الوظيفية غير مستقرة.
وبين المجلس أن المتزوجات دون سن 18 سنة هن الأقل تعليما فقد بلغت نسبة الاناث على المستوى الوطني ممن مستواهم المرحلة الأساسية او دون 86.7% (80.3% للأردنيات مقابل 94.3% للسوريات في الاردن)، وان المستوى التعليمي لأزواج المتزوجات دون سن 18 على المستوى الوطني كان بما نسبته 46.3% بمستوى اساسي فما دون، وأن النسبة الباقية منهم (35.6% ثانوي ودبلوم و17.8% من حملة البكالوريوس فأكثر).
ولفت المجلس أن النشاط الاقتصادي يكاد ينعدم لدى الاناث بزواجهن المبكر، وينعدم مع ذلك طموحهن او رغبتهن بالعمل، فقد شكلت الاناث المتزوجات دون سن 18 سنة اللواتي لا يعملن ولا يبحثن عن عمل ما يزيد عن 97% على المستوى الوطني، كما أنه عندما نتحدث عن نصف مليون امرأة تعيش على الارض الاردنية او ربع مليون اردنية تزوجت دون سن 18 وجمدت منذ بداية حياتها العملية ندرك تماما أن زواج القاصرات أحد العوامل الرئيسة في تفسير ضعف معدل المشاركة الاقتصادية للمرأة الاردنية؛ المعدل الذي يراوح مكانه منذ عقد من الزمن.
وبين المجلس أن ازواج المتزوجات دون سن 18 على الاغلب حالتهم الوظيفية غير مستقرة، أكثر من النصف من الاردنيات المتزوجات دون سن 18 ازواجهن لا يعملون او يعملوا بأعمال غير منتظمة، ويزداد ذلك سواء بين السوريات الى أكثر من 80% منهن ازواجهن لا يعملون او يعملوا بأعمال غير مستقرة.
ولفت المجلس أن الاستثمار في التغير في التركيب العمري للسكان ومعدلات النمو السكاني يعتبر من اهم القضايا التي تحظى باهتمام أي دولة تسعى الى تحقيق الرفاه الاجتماعي لمواطنيها وتمكينهم من الحصول على مستلزمات العيش الكريم الامر الذي يؤدي الى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية الشاملة والمستدامة، حيث أن ارتفاع معدل النمو السكاني يستدعي تحقيق معدلات نمو اقتصادي بشكل يفوق معدل النمو السكاني بهدف رفع المستوى المعيشي للسكان وتوفير فرص عمل للأعداد المتزايدة من السكان وتعزيز راس المال البشري وهناك ادوار رئيسية يلعبها الزواج والخصوبة في الحفاظ على النمو الاقتصادي على المدى الطويل حيث يؤدي ارتفاع معدلات الخصوبة الى ارتفاع حجم الاسرة الامر الذي ينعكس على انخفاض مستويات الادخار لدى العائلة وانعكاسات ذلك السلبية على تحويل هذه المدخرات الى استثمارات تنعكس إيجابا على الاقتصاد والإنتاجية.
وبين المجلس أن زواج الأطفال يساهم في زيادة الخصوبة الكلية حيث أن النساء المتزوجات سابقاً يملن أن يكون لديهن أطفال في وقت مبكر ويحملن أطفالاً أكبر على مدى حياتهن مما لو كن قد تزوجن فيما بعد، وتظهر الدراسات أن النساء اللاتي يتزوجن في سن اقل من 18، في نهاية حياتهن الإنجابية، يحصلن في المتوسط على نسب تزيد عن الربع بالمائة من المواليد الأحياء أكثر مما لو كن يتزوجن في سن الثامنة عشرة أو في وقت لاحق. وحتى الزواج في سن السابعة عشرة مقابل الزواج في سن الثامنة عشرة أو بعده له آثار هامة على الخصوبة الكلية. حيث اظهرت نتائج مسح السكان والصحة الاسرية 2017-2018 ان 5% من السيدات في الاردن اللاتي اعمارهن 15-19 سنة قد بدأن في الانجاب، وتبلغ هذه النسبة بين السوريات 27.8% وبين الاردنيات 3.1% كم اظهرت النتائج ان حوالي 8.9% من السوريات في الفئة العمرية 15-19 كن حوامل بطفلهن الأول.
ولفت المجلس أن سكان الاردن هم في الغالب من الشباب. أكثر من 20٪ في الفئة العمرية 15-24 سنة. الشباب هم مصدر هائل لبلدنا -ولكن قدراتهم ستتحقق فقط عندما يتم توظيف الاستثمارات الصحيحة في تعليمهم وصحتهم ومهاراتهم وتمكينهم وحمايتهم من خطر الزواج في سن مبكرة.
وبين المجلس أن أبرز توصيات الدراسة وملخص السياسات تضمنت ضبط وتقنين ومتابعة الاستثناءات في الفقرة (ب) من البند العاشر في قانون الأحوال الشخصية، معالجة قضايا تسرب الطالبات من التعليم ورفع الزامية التعليم حتى الثانوية العامة، ضمان حق التعليم بالنسبة لجميع القاصرات المتزوجات، والحوامل عن طريق استراتيجيات التعليم غير النظامي، أو صفوف محو الأمية، أو أي خيارات وإجراءات يتم استحداثها، تقديم الدعم المالي لأسر الفتيات التي تلجئ الى تزويج بناتها بسبب الفقر وضعف الإمكانيات المادية، بالتزامن مع الارشاد والتوعية الاسرية، اعداد وتنفيذ خطة توعوية شاملة حول زواج القاصرات، واثارها السلبية على الفرد والاسرة والمجتمع، إعداد برنامج توعوي متخصص للقضاة الشرعيين والوعاظ حول اثار زواج القاصرات، تطوير البرامج والخدمات الوقائية والعلاجية الخاصة بزواج القاصرات، دعم مبادرات التأييد المجتمعي التي تستهدف الذكور داخل المجتمع، بهدف تغيير الاتجاهات حول الزواج دون سن 18 سنة لكلا الجنسين واثاره السلبية، مكافحة كل أشكال العنف الذي يُمارس ضد الفتيات والنساء - ولاسيما العنف الجنسي، والاعتداء الجنسي - من خلال السياسات، والبرامج التي تركز على الوقاية، والعلاج، والإرشاد، والحماية القانونية، تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للحد من زواج القاصرات.