قد يلجأ الزوجان إلى استخدام وسيلة ما من وسائل تجنب الحمل لثلاثة أغراض هي: (أ) تأخير إنجاب مولودهم الأول وبدء مرحلة الوالدية، لأسباب خاصة بهم (ب) للمباعدة بين فترات الحمل والإنجاب (ج) للتوقف عن إنجاب مزيد من الأطفال، لاعتقادهم أنهم قد أنجبوا العدد الذي يرغبونه من الأولاد والبنات أي أنهم اكتفوا بما أنجبوا من أطفال، أو لأن أي حمل جديد بع أخطار على صحة الزوجة.
وفي مسح السكان والصحة الأسرية الذي تنفذه دائرة الإحصاءات العامة كل خمس سنوات، توجه الباحثة إلى الزوجة سؤال مباشر هو "هل تستخدمين أنتِ أو زوجك أي وسيلة لتنظيم الحمل والإنجاب؟"، وإذا كان الجواب نعم، فعند ذلك تنتقل الباحثة إلى سؤال الزوجة عن نوع الوسيلة المستخدمة.
وتأتي وسائل تنظيم الحمل والإنجاب في فئتين اثنتين هما: (1) الوسائل الحديثة، وتحتاج هذه الوسائل إلى مصدر كما أنها عالية الفعالية، أي عندها معدلات نجاح عالية في تحقيق الغرض من استخدامها من طرف الأسرة، (2) الوسائل التقليدية وتتضمن : العد /الامتناع الدوري عن المعاشرة بين الزوجين في أيام معينة من الدورة الشهرية للزوجة، والعزل (القذف الخارجي). ولا تحتاج الوسائل التقليدية إلى مصدر للحصول عليها، ولكنها ذات فعالية متدنية، أي عندها معدلات فشل عالية في تحقيق غايات الأسرة ورغباتها الإنجابية. والوسائل التقليدية بالإضافة إلى الواقي الذكري - الذي يُعد من الوسائل الحديثة - هي الوسائل الثلاث التي يشارك في استخدامها الزوج في الأردن.
يبين الشكل أدناه، أن استخدام الوسائل التقليدية (أو الطبيعية كما يسميها البعض) لتنظيم الحمل والإنجاب في المجتمع الأردني هو الأعلى بين كافة المجتمعات العربية وتبلغ نسبته نحو 22% في الأسر الأردنية؛ مقابل نحو 17% في الأسر غير الأردنية (السورية وغيرها)، رغم أن الوسائل الحديثة وخدمتها متاحة مجاناً في أكثر من 500 مركز صحي يتبع لوزارة الصحة موزعة في كافة محافظات المملكة. كما تقوم وزارة الصحة بشراء وتوفير الوسائل الحديثة مجاناً للخدمات الطبية الملكية وللمستشفيات الجامعية وللجمعية الأردنية لتنظيم وحماية الأسرة وللأونروا وغيرها من المنظمات غير الحكومية التي تقدم هذه الخدمة، كما يمكن الحصول على بعض الوسائل الحديثة من كافة الصيدليات الخاصة.
وتبين نتائج المسوح الأسرية للسكان والصحة الأسرية إلى حصول ارتفاع جديد في نسبة استخدام الوسائل التقليدية بين الأزواج في الأردن، إذ ارتفعت هذه النسبة بسرعة من 14% عام 2018 إلى 22% في عام 2023، بينما بقيت نسبة استخدام الوسائل الحديثة ثابتة تقريباً عند نحو 38%. يضاف إلى ذلك أن نسبة استخدام الوسائل التقليدية أعلى من النسبة الوطنية بنقطتين إلى ست نقاط مئوية في خمس محافظات، وبين النساء اللاتي لديهن 3-4 أطفال وبين السيدات في الفئة العمرية 25-29 سنة وبين السيدات ممن تعليمهن أعلى من الثانوي.
الخلاصة: ماذا يعني لجوء الزوجين إلى استخدام وسيلة ما لتنظيم الحمل؟ يدل هذا عن حاجة ملحة عندهما لتأجيل الحمل أو تجنبه، ولكن إن فشل هذا الاستخدام بسبب تدني فعالية الوسيلة التي اختاروها أو حصول خطأ في استخدامها، فإن حملاً غير مرغوب قد يحصل عند الزوجة، ولمثل هذه الأحمال غير المخطط لها تبعات متعددة الجوانب على الزوجين، لا مجال للحديث عنها هنا. ولتجنب مثل هذه الحالة يتعين أن يزداد تقديم المعرفة والمشورة حول الوسائل الحديثة لتنظيم الإنجاب باستغلال كافة الفرص عندما تكون الزوجة في المرفق الصحي خلال زيارات فترة الحمل أو عند الولادة أو عند تطعيم المولود الجديد.