الاردن يشارك العالم الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الانسان

يشارك الأردن العالم اليوم الجمعة الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الأنسان، والذي يصادف بتاريخ العاشر من شهر كانون الأول من كل عام، وهو اليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة في عام 1948 الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وجاء موضوع احتفالية عام 2021 تحت شعار: " المساواة في الكرامة وإعمال حقوق الجميع في الفرص والنتائج من أجل بناء مجتمعات أكثر عدلاً وشمولاً “.

ويركز موضوع الاحتفال بيوم حقوق الانسان هذا العام على المادة (1) من الإعلان العالمي لحقوق الأنسان " "يولد جميع الناس أحرارًا ومتساوين في الكرامة والحقوق"، والتي تركز على" المساواة " والإدماج وعدم التمييز وشمول الجميع دون استثناء كأحد مرتكزات النهج القائم على حقوق الأنسان لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 .

وأكدت الامينة العامة للمجلس الأعلى للسكان الدكتورة عبلة عماوي أن المجلس يولي أهمية كبيرة لهذه المناسبة، من خلال الدعوة إلى العمل بنهج قائم على احترام حقوق الإنسان، وتعزيزها وترسيخ مبادئها وقيمها السامية، كاطار لعملية التنمية البشرية، بما في ذلك كل الحقوق المدنية والثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، والذي بدوره سيساهم في تطبيق مبدأ المساواة وعدم التمييز التي تكمن في صميم مشاكل التنمية ومعالجة أشكال التمييز المتجذرة التي أثرت على أكثر الناس ضعفًا في مجتمعاتنا، والتوصّل إلى حلول لها ، حيث تركز أهداف للتنمية المستدامة على شمول الجميع من دون أيّ استثناء بالمساواة وعدم التمييز، والتي هي في صميم حقوق الأنسان، وذلك للمساهمة في تحقيق هذه الاهداف.

وبينت انه وبحسب مؤشر حقوق الإنسان وسيادة القانون لتصنيفات الدول وفق التقرير الصادر من موقع الاقتصاد العالمي، فقد احتل الاردن المرتبة 67 من بين 173 دولة للعام 2021، في حين احتلت مصر الترتيب الاسواء رقم 1 والنرويج الترتيب الافضل رقم 173.

وبينت أن الاحتفال بهذا اليوم لهذا العام جاء في ظل ظروف استثنائية على الصعيدين الوطني والدولي نتيجة انتشار جائحة فيروس كورونا، والتي تسببت بفرض حالة الطوارئ وفقاً للمبادئ الدستورية والمعايير الدولية لحقوق الأنسان، وتم على إثر ذلك أنشاء شرعية استثنائية لقرارات وإجراءات السلطة التنفيذية للموائمة مع تحقيق المصلحة العامة دون انتقاص لحقوق الأنسان والأخلال بالأحوال الاقتصادية والمعيشية، كما كشفت الجائحة أن هنالك حاجة إلى تكثيف وتعزيز الجهود الوطنية في مجالات ( السياسات ، التشريعات، الممارسات ) لمعالجة الإخفاقات التي كشفتها الجائحة للتعافي وصولاً إلى عودة الوضع لطبيعته، كما فرضت الجائحة ضرورة إعادة وضع حقوق الأنسان كمسألة أمن وطني، من خلال التركيز على النهج القائم على احترام حقوق الإنسان لخلق فرص متكافئة للجميع للتصدي لأوجه عدم المساواة والإقصاء والتمييز وتشجيع المشاركة والتضامن الوطني بكل طاقاته، وتكثيف الجهود في مجال تحقيق الحماية الاجتماعية، وخصوصاً للفئات الأكثر حاجة للحماية (المرأة، الطفل، الأشخاص ذوي الاعاقة، كبار السن).

وأشارت أن من أبرز التحديات التي تعترض تحقيق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، تفشي الفقر، حيث أن الفقر وعدم المساواة في الاستفادة من فرص التعليم والسكن ومن الخدمات والمرافق الصحية يحددان على نحو متزايد التقدم الاجتماعي ونوعية الحياة، ويشكلان انتهاكاً لكرامة الإنسان والحق في مستوى معيشي لائق ، وبحسب تقرير نتائج مسح نفقات ودخل الأسرة (2017-2018) الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة فإن نسبة الفقر بين الأفراد الأردنيين بلغت 15,7% أي إن 1,069 مليون أردني متواجدون ضمن منطقة الفقر، كما كان لجائحة فيروس كورونا أثار اقتصادية واجتماعية كبيرة في المجتمع الأردني، وخصوصاً على شرائح الفقراء أكثر من غيرهم من شرائح المجتمع، وبشكل خاص عمال المياومة والنساء واللاجئين ومن يعملون بالقطاع الخاص والقطاعات المتأثرة المختلفة، وأدت إلى انخفاض الاجور بنسب تراوحت بين 30-50% بين العمالة غير المنظمة (المياومة) ، مبينة أن هنالك الحاجة إلى "معالجة التحدي الأكبر وهو البطالة، حيث وصل معدل البطالة إلى نحو 24,8 % للربع الثاني عام 2021 (ذكور 22,7%، واناث 33,1%) ،

وأضافت أن الجائحة أدت إلى فقدان الالاف من العاملين لوظائفهم بسبب إغلاق العديد من المصانع والمنشأت الصناعية والتجارية، مؤكدة أننا بحاجة إلى بناء ووضع اسس اقتصاد مستدام قائم على حقوق الانسان يحقق الانصاف والاستدامة لأجيال اليوم والغد، بمشاركة الجميع دون استثناء.

 

وأوضحت عماوي أن جائحة كورونا كان لها الاثر الاكبر على اللاجئين السوريين داخل المخيمات أو خارجها وخصوصاً اللاجئين السوريين في سن الدراسة والبالغ عددهم 233 ألف في الأردن، حيث واجهوا عقبات متعددة أمام التعليم، والتي كانت أكثر حدة للأطفال في عمر 12 عاماً أو أكثر، بما في ذلك عمالة الأطفال بسبب الفقر، وزواج الأطفال، ونقص وسائل النقل المدرسي الميسورة التكلفة، ونقص التعليم الشامل والتدابير الملائمة للأطفال ذوي الإعاقة، مبينة أن الحكومة استخدمت التلفزيون والإنترنت لتوفير التعلم عن بعد للطلاب أثناء الاغلاقات الاحترازية لمنع تفشي فيروس كورونا، وبحسب تقرير لليونيسف فإن حوالي 70% من الأطفال الأردنيين لديهم إمكانية الوصول إلى الإنترنت، لكن هذا الرقم ينخفض بشكل حاد بين اللاجئين والأردنيين الأفقر والمهمشين، وحتى قبل تفشي فيروس كورنا كان حوالي ربع الطلاب السوريين اللاجئين فقط قادرين على مواصلة تعليمهم حتى المرحلة الثانوية.

 

وأضافت أن ذوي وذوات الاعاقة عانوا أيضاً من معوقات كبيرة بالحق في التعليم خلال الجائحة مع غياب الخدمات التعليمية التي تتعامل مع صعوبات التعلم عند هذه الفئة من الطلبة، وبالتالي فإن هنالك حاجة إلى ضمان دمج الاشخاص ذوي الاعاقة مع المؤسسات التعليمية، وتوفير البيئة التعليمية الآمنة والتمكينية دون أي شكل من اشكال التميز وعدم المساواة على اساس الاعاقة أو بسببها، وايلاء ذوي وذوات الاعاقة التمكين التعليمي الذي يستحقونه وتوفير الدعم الاجتماعي والتقني لهم ولأسرهم.

 

ولفتت انه وخلال الجائحة تم إثقـال كاهـل الكـوادر الصحيـة مـن أطبـاء وممرضيـن وفنيـين، وخاصـة ممـن كانـوا يعملـون في المستشفيات المخصصة لمرضى كورونا، حيــث كان يطلــب منهــم العمــل لمدة (14) يومــاً متواصلــة عــلى مــدار الســاعة، قبــل أن يطلــب منهــم الدخــول في الحجـر الصحـي لمدة (14) يومـاً أخـرى، قبـل زيارتهـم لذويهـم، والعـودة للعمـل مـرة أخـرى، إلى جانب عـدم توفـر التسهيلات البيئيـة في بعـض المستشفيات والمراكز الصحيـة اللازمة للأشخاص ذوي وذوات الاعاقة وكبـار السـن.

 

وأضافت عماوي انه وخلال جائحة كورونا كان هنالك استثناء واضح لعضوية ومشاركة المرأة خلال الجائحة، ومن الامثلة على ذلك، لم يكن هنالك تمثيل نسائي ضمن لجنـة إدارة حسـاب القطـاع الخـاص للتبرعات الرئيسـة لصنـدوق "همـة وطـن" ، مبينة أن هنالك حاجة ماسة للعمل على وضع منظومة تشريعات وسياسات وممارسات وتوجهات ترسخ المساواة والعدالة الاجتماعية، وتوفر عملاً لائقاً وفرصاً متساوية للمرأة، من خلال دعم وتعزيز وجود المرأة في مواقع صنع القرار، وتوسيع مشاركة المرأة في الحياة السياسية من أجل تحقيق تكافؤ الفرص للمرأة في القطاعات والمجالات كافة.

 

وأضافت انه ورغم الظروف الإنسانية الصعبة التي تعانيها المنطقة العربية من أزمات سياسية، والتي على إثرها كان هناك تدفق لموجة كبيرة من اللاجئين إلى الأردن، فقد استطاع الأردن بأجهزته الوطنية أن يحقق درجة عالية من تطبيق إجراءات وممارسات تعزز منظومة حقوق الإنسان، والحريات والحق بالحياة، من خلال تبني ووضع العديد من السياسات والاستراتيجيات والخطط الوطنية المتوافقة مع مبادئ حقوق الأنسان والمعايير الوطنية والإقليمية والدولية لتعزيز مختلف الحقوق المدنية والسياسة والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والتي من أهمها، الخطة الوطنية الشاملة لحقوق الإنسان (2016-2025) ، الخطة الوطنية لتفعيل قرار مجلس الأمن رقم 1325، الاستراتيجية الوطنية للمرأة (2020-2025)، الخطة الوطنية لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030، خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية (2020-2022)، الخطة التنفيذية لتعزيز استجابة المؤسسات لحالات العنف الأسري (2016-2018)، الإستراتيجية الوطنية الأردنية لكبار السن (2018-2022).

 

وأضافت أن من الإنجازات الوطنية والتي جاءت انطلاقاً من النهج القائم على احترام حقوق الأنسان وتعزيزها وترسيخ مبادئها وقيمها السامية، تشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية بإرادة ملكية سامية، والتي عملت على وضع منظومة متكاملة من التوصيات لمشروع قانون جديد للانتخاب ومشروع قانون جديد للأحزاب السياسية، ومقترحات بتعديلات دستورية متصلة حكماً بالقانونين وآليات العمل النيابي، إضافة إلى توصيات متعلقة بتطوير التشريعات الناظمة للإدارة المحلية، وتوسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار، وتهيئة البيئة التشريعية والسياسية الضامنة لدور الشباب والمرأة في الحياة العامة، والتي من الممكن أن تكون أطاراً وركناً أساسياً يجب أن ينتهجه الأردن في مطلع مئويتة الثانية بتعزيز قيم المواطنة حقوقاً وواجبات، وبالتالي يمكن أن يكون ذلك مدخل وأطار عمل وطني لتعزيز الحريات المكفولة بالتشريعات، والالتزام بمبدأ سيادة القانون، وإعلاء قيم العدالة وتوفير أقصى الضمانات للنزاهة والشفافية والمساواة.

وأضافت أن هنالك ضرورة لوجود برنامج عمل تنفيذي ومتابعة حثيثة للجوانب التشريعية والتنظيمية على مختلف المستويات لتوصيات اللجنة مع التركيز على ضرورة أن يكون دور الشباب والمرأة في مقدمة عملية التحديث، وتمكينهما سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، مع أهمية تطوير آليات تضمن مشاركة جميع فئات المجتمع في الشؤون العامة، لضمان مشاركة فاعلة ومنتجة في الحياة السياسية وتطوير آليات المساءلة والحكم الرشيد، بما يحقق عدالة توزيع المكتسبات والتنمية المحلية الشاملة والمستدامة، وترجمة رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني في استمرار مسيرة التحديث والتطوير لمواجهة المتغيرات المتسارعة، ولمواكبة متطلبات المستقبل، مع التمسك بثوابتنا الراسخة التي تمثلها مؤسسة العرش، والمؤسسات الدستورية، والوحدة الوطنية الراسخة والمتينة.

وعلى الرغم من هذا الإنجاز على المستوى الوطني، إلا أن هنالك إنجازات بطيئة باتجاه تمثيل المرأة في الحياة العامة سواء المدنية والسياسية، حيث تراجعـت نسـبة مشـاركة المرأة في مجلـس الـوزراء وبلـغ عـدد النسـاء في المجلس اثنتان من أصل ( 29 ) وزيـراً بمن فيهـم الرئيـس أي مـا نسـبته (7%)، في حين بلـغ عـدد النسـاء في المجلس السـابق (4) مـن أصـل (29) وزيـراً أي مـا نسـبته (13,7%)، كما وتراجعـت نسـبة مشـاركة المرأة في مجلـس الاعيان لعـام 2021، حيـث بلـغ عـدد النسـاء في مجلـس الأعيان 7 نسـاء مـن أصـل 65 عضـواً أي مـا نسـبته (10,7%) ، في حين بلـغ عـدد النسـاء في المجلس لعام 2016 (10) نسـاء مـن أصـل (65) عضـواً أي بنسـبة (15,3%).

كما كشفت انتخابات مجلس النواب التاسع عشر تراجع التمثيل النسائي وتوقف الاتجاه التصاعدي في حصد النساء للمقاعد تنافسياً، حيث حصدت النسـاء (15) مقعـداً مـن مقاعـد مجلـس النـواب الــ (130) أي بنسـبة (11,5%) وهـي المقاعد المخصصة للكوتا النسائية ، ولم تفز أي سـيدة عـن طريـق التنافـس، وقـد شـكلت نسـبة مشـاركة المرأة في المجلس الثامـن عشر لعـام 2016 ما نسبته (15,3%)، ومـا زالـت نسـبة مشـاركة المرأة منخفضـة على مسـتوى الإدارة العليـا في الجامعـات حيـث لم يتم تعيـن أي امرأة كرئيسـةً لجامعـة خلال عـام 2021، كما لم يشـهد عـام 2021 تعيـن نسـاء قضـاة، وكذلـك عـدم تعيـن مأذونـات في المحاكم الشرعية أو مفتيات في دائرة الإفتاء العام.

 

وبينت انه ما زال هنالك استمرار للإشكالية القانونية التمييزية في قانون الجنسية الاردني رقم (6) لسنة 1954، ولم يطرأ اية تطورات فيما يتعلق بتعليمات تنفيذ قرار مجلس الوزراء لسنة 2014 والمتعلق بمنح ابناء الاردنيات المتزوجات من غير الاردنيين التسهيلات.

 

وأشارت انه بالإضافة إلى ذلك ، يعد الأردن واحداً من أكبر الدول التي لديها فجوة بين الجنسين في العالم ، وفقًا لتقرير تصنيفات مؤشر الفجوة بين الجنسين العالمي لعام 2021 الصادر عن للمنتدى الاقتصادي العالمي (WEF)، حيث يحتل المرتبة 131 من بين 156 دولة درسها المنتدى الاقتصادي العالمي، مبينة انه و على الرغم من أن الرجال والنساء على حدٍ سواء يتمتعون بتعليم جيد نسبيًا ، إلا أن النساء يواجهن العديد من الحواجز الاقتصادية التي لا يواجهها الرجال، ولا تزال هنالك فجوة جندرية كبيرة في المشاركة الاقتصادية والفرص المتاحة، حيث احتل الاردن المرتبة 133 من اصل 156 دولة ، ولا يزال ايضاً هنالك فجوة جندرية كبيرة في التمكين السياسي، حيث يحتل الاردن المرتبة 144 من اصل 156 دولة.

ولفتت عماوي أن هنالك حاجة ملحة إلى تموضع حقوق الانسان في السياسات الوطنية، ترتكز على المعايير الدستورية والدولية لحقوق الانسان، لتعزيز النهج الديمقراطي وتكريس مبدأ سيادة الحق، وركيزة للأمن واستقرار المجتمع وتعزيز الشرعية السياسية.