اليوم العربي للسكان والتنمية

يصادف 28 تشرين الأول 2023 اليوم العربي للسكان والتنمية، حيث جاء تحديد هذا اليوم بناء على توصية من جامعة الدول العربية، ويصادف هذا التاريخ تاريخ إنشاء المجلس العربي للسكان والتنمية عام 2019 والذي كان بمبادرة من المملكة الأردنية الهاشمية من أجل تعزيز العمل العربي المشترك في مجال السكان والتنمية. يأتي هذا اليوم والوطن العربي بحاجة لتوحيد الجهود في مواجهة القضايا والتحديات الكبيرة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية الاجتماعية وتحتل القضايا السكانية مرتبة الصدارة في المشهد العربي العام.
حقائق ديموغرافية على مستوى المنطقة العربية[1]

حجم السكان

 

تُظهر الأرقام الصادرة عن شعبة السكان في الأمم المتحدة أن عدد سكان العالم العربي قد ارتفع بمقدار 80 مليون في العقد الثاني من الألفية الثالثة ليصل إلى 473 مليون في عام 2023، وهو ما يمثل 5.9% من الإجمالي العالمي. ومن المتوقع أن ينمو عدد سكان المنطقة ليتخطى 533 مليون نسمة بحلول عام 2030 و 694 مليون نسمة بحلول عام 2050.

بينما يعيش 61% من سكان العالم العربي في القارة الأفريقية، يحظى الجناح الأسيوي بالنسبة الباقية والبالغة 39%. ويعيش 68% من سكان العالم العربي في 6 دول من أصل 22 دولة، وهي بالترتيب مصر والجزائر والسودان والعراق والمملكة المغربية والمملكة العربية السعودية.
التركيب العمري للسكان

لا تزال المنطقة العربية تتميز بتركيب سكاني فتي، حيث تشكل نسبة الأطفال دون سن 15 عاماً حوالي ثلث سكان المنطقة في عام 2023، وارتفع عدد الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15و24 سنة من 51 مليون في عام 1995 إلى ما يقرب من 82 مليون في عام 2023، ومن المتوقع ان يصل عددهم إلى 108 ملايين عام 2050.


أما بالنسبة لكبار السن ممن يبلغون 65 عاماً فما فوق فتبلغ نسبتهم في المنطقة العربية أقل من 5% في معظم البلدان باستثناء المغرب ولبنان وتونس. ولكن متوقع وبالأرقام المطلقة أن يرتفع العدد الإجمالي لكبار السن من 22مليون في عام 2023 الى 31 مليون في عام 2030، ومن المتوقع ان تنمو نسبة السكان المسنين في المنطقة لتصل إلى (6%) بحلول عام 2030 وأعدادهم إلى 74 مليوناً (11%) بحلول عام 2050.
ارتفع متوسط العمر المتوقع عند الميلاد من 60 سنة في عام 1990 الى 69 سنة في عام 2023 .
الإنجاب

انخفض معدل الإنجاب الكلي في الدول العربية من 2 طفل لكل امرأة في عام 1990 إلى 3.1 طفل لكل امرأة عام 2023. وتسجل الصومال أعلى معدل إنجاب كلي في المنطقة بمعدل 6.2 طفل لكل امرأة، يليها السودان بمعدل 4.4 أطفال. ويقترب نطاق معدل الإنجاب الكلي أو يتدنى عن مستوى الاحلال (2.1 طفل لكل امرأة) في لبنان والكويت وتونس عام 2023.
الهجرة

للهجرة الطوعية والقسرية والنزوح، تأثير كبير على حجم وهيكل السكان في المنطقة العربية. ففي عام 2021 استضافت الدول العربية حواي 15% من مجموع المهاجرين واللاجئين في جميع أنحاء العالم، كما استمرت الهجرة والنزوح القسري من البلدان العربية في ازدياد حتى وصلت إلى ما يقدر بنحو 8 مليون شخص في عام 2020، بقي 44% منهم داخل المنطقة.

التحديات الراهنة:

تتفاوت الدول العربية في مواردها اللازمة لتلبية الحاجات الأساسية وغير الأساسية لسكانها، خاصة في ظل الظروف الحالية الصعبة والتحديات التي تواجهها المنطقة، والتي تعيق تحقيق التنمية المستدامة، حيث يستمر تأثير الأزمات الإقليمية في إحداث نتائج سلبية على مسيرة المنطقة العربية نحو التنمية المستدامة،
ارتفاع معدلات البطالة خاصة بين الشباب مما يشكل تحدياً أمام استغلال طاقاتهم وإمكانياتهم لجني ثمار العائد الديموغرافي وتفعيل مشاركتهم الإيجابية في التنمية بعيدا عن العنف والتطرف ،
انخفاض جودة مخرجات التعليم وعدم ملائمتها لاحتياجات سوق العمل، وقصور في التركيز على الحقوق الإنجابية والمساواة غير المتحققة بين الجنسين وتمكين المرأة، بالإضافة للتفاوت التنموي بين المناطق، وضعف تلبية احتياجات الفئات الأكثر ضعفاً، والنقص في البيانات والمعلومات الشاملة المتعلقة بكل أوجه وقضايا السكان والتنمية.
يمكن لعدة عوامل كانتقال السكان، والمعدلات غير المتوقعة للهجرة الطوعية والقسرية، والنزوح، ومعدلات الإنجاب المرتفعة والنمو الديموغرافي المتسارع، ورأس المال البشري المتواضع، وخاصة بين الشباب في بعض البلدان، يمكن لها أن تزيد الضغوط على أجندة التنمية المستدامة 2030، إن لم تلق الاستجابة الكافية في السياسات والممارسات. ومازال غالبية بلدان المنطقة لم يستثمر بعد بالشكل الكافي في التعليم، والصحة، والمهارات والفرص التي يمكن أن يحصل عليها الشباب في سن 15-24 عاما، بما يحول هذه الكتلة الشبابية الناشئة من تحد إلى فرصة كبرى.
الطريق إلى الأمام

مواجهة هذه التحديات يتطلب جهود موحدة ومنسقة توفر أفضل السبل والخدمات في مجال قضايا السكان والتنمية والترابط بينهما في الوطن العربي، والعمل على تطوير قطاع السكان وتقديم العون لوضع سياسات واستراتيجيات وطنية للسكان بما يتناسب مع احتياجات كل دولة، وبما يخدم قيام المشاريع والبرامج المشتركة بين الدول العربية، وأهمية رفع مستوى الوعي حول كافة القضايا السكانية في الدول العربية وعلى كافة الأصعدة الحكومية والرسمية والشعبية والمجتمعية العامة والخاصة وغيرها، وضرورة ربط قضايا السكان بمحاور التنمية الاجتماعية، بما يساهم في الوصول إلى مجتمع عربي مزدهر ويتمتع بالرفاه في كافة المجالات.