يحتفل الأردن والعالم اليوم الاحد بذكرى اليوم العالمي للقضاء على الفقر، والذي يصادف بتاريخ السابع عشر من تشرين الاول من كل عام، حيث جاء هذا العام تحت شعار "البناء قدماً إلى الإمام: إنهاء الفقر المتواصل، واحترام الناس وكوكبنا".
وقد شهدت سنة 2020 تفاقماً مأساوياً في الجوع في العالم بحسب الأمم المتحدة، ويعزى في معظمه إلى تداعيات جائحة فيروس كورونا، وبالمجمل فقد كان أكثر من 2,3 مليار شخص (أو 30 % من العدد الإجمالي للسكان) يفتقرون على مدار السنة إلى الغذاء الكافي، واستمر سوء التغذية بجميع أشكاله، ووفقاُ للبنك الدولي فقد ادخلت جائحة كورونا ما بين 88 و115 مليون شخص إلى براثن الفقر، مع وجود غالبية أولئك الفقراء الجدد في جنوب آسيا ودول جنوب الصحراء، حيث معدلات الفقر مرتفعة أصلاً، وفي عام 2021، من المتوقع ارتفاع هذا الرقم إلى ما بين 143 و163 مليوناً، وسينضم من ادخلتهم الجائحة إلى صفوف 1,3 مليار فقير يعيشون بالفعل في فقر متعدد الأبعاد، وستواصل تفاقم حرمانهم في أثناء الوباء العالمي، كما دفعتهم التدابير المفروضة للحد من انتشار الجائحة إلى مزيد من الفقر، حيث أُغلق الاقتصاد غير الرسمي الذي يتيح للفقراء في عديد من البلدان فرص البقاء.
وبينت الامينة العامة للمجلس الاعلى للسكان الدكتورة عبلة عماوي في بيان صحفي خاص بالمناسبة أن دراسة أممية جديدة أعدتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، كشفت بإن جائحة فيروس كورونا وتداعياتها تقوض التقدم في جهود القضاء على الفقر المدقع، والنساء يتحملن العبء، وبينت الدراسة بانه من المرجح أن تدفع 47 مليون امرأة أخرى إلى الفقر مما يعكس عقوداً من التقدم في القضاء على الفقر المدقع، وإلى زيادة معدل الفقر بين النساء بنسبة 9,1 %، وأن الجائحة ستؤثر على معدل الفقر العالمي بشكل عام، وأن النساء سوف يتأثرن بشكل غير متناسب وخاصة النساء في سن الإنجاب، كما انه وبحلول عام 2021، سيكون هناك 118 امرأة مقابل كل 100 رجل تتراوح أعمارهم بين 25 و34 عاماً يعيشون في فقر مدقع (1,90 دولار في اليوم أو أقل)، ومن المتوقع أن تزداد الفجوة إلى 121 امرأة مقابل 100 رجل بحلول عام 2030.
ولفتت عماوي أن معدلات الفقر وحدَّته لدى النساء أعلى منها لدى الرجال، بسبب انشغال النساء في القيام بالأدوار غير مدفوعة الأجر (الأمومة ورعاية الأسرة)، وفي المقابل انشغال الرجال بالأعمال مدفوعة الأجر، وهو ما أدى إلى تركز المال بأيدي الرجال مقابل فقر النساء.
وأشارت عماوي أن جائحة كورونا أثرت على شرائح الفقراء أكثر من غيرهم من شرائح المجتمع وبشكل خاص عمال المياومة والنساء واللاجئين ومن يعملون بالقطاع الخاص والقطاعات المتأثرة المختلفة، مبينة أن الحكومة اتخذت عدة إجراءات في هذا الاطار وضمن أوامر الدفاع من أهمها، انشاء "صندوق همة وطن"، ودراسة وضع العاملين الذين انعكست الجائحة عليهم سلباً وهم "عمال المياومة في قطاعات الانشاءات والزراعة والسياحة، سائقو التاكسي، والعاملون في قطاع النقل العام، وأصحاب المؤسسات التجارية الصغرى"، إلى جانب اعلان البنك المركزي الأردني عن حزمة من الإجراءات الهادفة لاحتواء تداعيات أثر فيروس كورونا المستجد.
وأوضحت عماوي أن جائحة كورونا كان لها أثار اقتصادية واجتماعية كبيرة في المجتمع الأردني، وبحسب دائرة الإحصاءات العامة فقد وصل معدل البطالة إلى نحو 24,8 % للربع الثاني عام 2021 (ذكور 22,7%، واناث 33,1%)، في حين وصل بين الشباب في الفئة العمرية (15-24 سنة) 48,5% (43,6 % للذكور مقابل 71,6 % للإناث)، حيث تنعكس معدلات البطالة بشكل مباشر على نسبة الفقر في الاردن، حتى وإن لم تكن هناك أرقام جديدة معلنة، مبينة أن تقرير نتائج مسح نفقات ودخل الأسرة (2017-2018) الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة ذكر أن نسبة الفقر بين الأفراد الأردنيين بلغت 15,7% أي إن 1,069 مليون أردني متواجدون ضمن منطقة الفقر، وبلغت نسبة فقر الجوع في الأردن 0,12%، أي ما يعادل 7993 فرداُ، أما فيما يتعلق بفجوة الفقر، فقد بلغت 3,5%، كما بلغت نسبة شدة الفقر 1,2%.
وبين المجلس الاعلى للسكان في البيان أن الحكومة الأردنية بذلت جهوداُ كبيرة خلال الثلاث سنوات الماضية منها التحويلات النقدية بدل دعم الخبز، وبيانات ومنهجية محدثة عن الفقر، بالإضافة إلى اطلاق الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية (2019-2025) في عام 2019، حيث تتضمن الاستراتيجية اربعة محاور أساسية هي (سياسات سوق العمل، والتأمينات الاجتماعية، والخدمات الاجتماعية، والمساعدات الاجتماعية)، وتنسجم مع أهداف التنمية المستدامة خاصة المتعلقة بالهدف الاول "القضاء على الفقر والفقر المدقع بجميع أشكاله في كل مكان"، والهدف الثاني "القضاء على الجوع وتوفير الأمن الغذائي"، والهدف الثامن "تعزيز النمو الاقتصادي المطرد والشامل للجميع والمستدام، والعمالة الكاملة والمنتجة، وتوفير العمل اللائق للجميع".
ويوصي المجلس أن خفض نسب الفقر يتطلب سياسات متكاملة متعددة القطاعات والتي يمكن أن تكون أكثر فعالية من حيث التكلفة، وتشمل أساليب عالية التأثير لمعالجة أوجه الحرمان المترابطة ومن هذه السياسات، التوسع الاقتصادي الذي يتيح المزيد من المشاركة الاقتصادية وفرص العمل، ودعم القدرات الإنتاجية للفقراء وتمليكهم الأصول الإنتاجية، وكذلك توفير خدمات جيدة النوعية للفقراء في الصحة والتعليم والمرافق العامة، والتوسع في برامج الاقتراض متناهية الصغر ومن دون فوائد وتمكين المرأة وتوفير حماية اجتماعية شمولية للفقراء.