يشارك الأردن العالم اليوم الخميس الاحتفال باليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة والذي يصادف بتاريخ الخامس والعشرين من شهر تشرين ثاني من كل عام، وتبتدأ في هذا اليوم حملة ال 16 يومًا من النشاط ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي، والتي تحمل شعار"لنجعل العالم برتقالي: ضع حدًا للعنف ضد النساء الآن!"، وتتوج باليوم العالمي لحقوق الإنسان الموافق 10 كانون الأول، كما ويهدف الاحتفال بهذا اليوم إلى توفير فرصة للأفراد والجماعات للتحرك ولفت الانتباه إلى الحاجة الملحة لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات.
وتعرّف الأمم المتحدة العنف الممارس ضد المرأة بأنّه "أيّ فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه، أو يرجّح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحيـــــة الجسمانيــــــة أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمـــــان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة ".
وأكدت الامينة العامة للمجلس الأعلى للسكان الدكتورة عبلة عماوي في بيان صحفي خاص بالمناسبة أن المجلس يولي هذه المناسبة اهتماماً خاصاً، انطلاقاُ من اهتمامه بحقوق الانسان وتحقيقاً للمادة الثالثة من الاعلان العالمي لحقوق الانسان التي تنص على انه "لكلِّ فرد الحقُّ في الحياة والحرِّية وفي الأمان على شخصه"، كما ترتبـط أهـداف المجلس الاستراتيجية بأهـداف التنميـة المسـتدامة وخاصة الهدف الخامس "تحقيق المساواة بني الجنسين وتمكين كل النساء والفتيات"، والهدف العاشر" الحد من انعدام المساواة داخل البلدان وفيما بينها"، إلى جانب أن المجلس يعد مكون اساسي في وضع السياسات والاستراتيجيات ذات العلاقة بالسكان والتنمية بما فيها المتعلقة بالمرأة، ودعم صنع القرار للوصول إلى رفاهية المجتمع الأردني.
ولفتت عماوي أن بيانات كتاب الأردن بالأرقام 2020 والصادر عن دائرة الاحصاءات العامة تشير انه وخلال عام 2020 كانت نسبة النساء في سن الخامسة عشر فما فوق واللاتي سبق لهن الزواج وتعرضن لعنف بدني أو جنسي أو نفسي من القرين الحالي أو السابق قد بلغت 20,4%.
وأضافت أيضاً أن نتائج مسح السكان والصحة الاسرية لعام (2017-2018) أشارت إلى أن 21% من السيدات اللاتي سبق لهن الزواج وأعمارهن بين (15-49 سنة) قد تعرضن لعنف جسدي مرة واحدة على الأقل منذ أن كن في العمر 15 سنة، و14% تعرضن لعنف جسدي خلال 12 شهراً السابقة للمسح، وأن 2% تعرضن لهذا النوع من العنف اثناء الحمل.
وفي مجال العنف الجنسي، أظهرت نتائج المسح أن 5% من السيدات سبق لهن أن تعرضن لهذا النوع من العنف من قبل الزوج الحالي أو الزواج السابق، كما أظهرت نتائج المسح أن 26% من السيدات اللاتي سبق لهن الزواج أفدن بأنهن سبق أن تعرضن للعنف الجسدي أو الجنسي أو العاطفي من قبل ازواجهن الحاليين أو آخر زوج لهن.
وبينت عماوي بإن تبرير ضرب المرأة وعدم طلب المساعدة عند التعرض للعنف يعتبر من أكبر التحديات التي تواجه الأردن في مجال القضاء على العنف ضد المرأة، حيث أشار المسح إلى موافقة 46% من السيدات اللاتي سبق لهن الزواج و69% من جميع الرجال الذين أعمارهم (15 – 49 سنة) على أن ضرب الزوجة له ما يبرره، وأنه قد بحث فقط 19% من السيدات اللاتي سبق لهن الزواج وأعمارهن (15 - 49 سنة) وقد تعرضن للعنف عن المساعدة، كما كان من الملاحظ أن 67% من السيدات لم يبحثن عن مساعدة ولم يقمن بإعلام أحد عن تعرضهن للعنف.
ولفتت انه كان لجائحة فيروس كورونا دوراً بالحد من الحركة والتّنقل، وارتفاع وتيرة التوتر وممارسات تعنيف المراة، حيث أعلنت دائرة حماية الأسرة حدوث زيادة بنسبة 33% في حالات العنف المنزلي المبلغ عنها أثناء الشهر الأول من الإغلاقات التي فرضتها الجائحة عام 2020، وذكرت الدائرة بأن عدد الحالات التي قَتلَّ فيها أفرادٌ العائلة نساءً وفتياتٍ من عائلاتهم والتي جرى التبليغ عنها بلغ 16 حالة خلال أول 8 أشهر من عام 2020، وبلغ مجموع عدد حالات العنف الجسدي المبلّغ عنها 1685 حالة (منها 932 حالة عنف وقعت على النساء).
وعلى المستوى العالمي، تشير بيانات الأمم المتحدة لعام 2021 إلى أن العنف ضد المرأة يؤثر بشكل غير متناسب على البلدان والمناطق ذات الدخل المتوسط المنخفض والمنخفض، حيث تعرضت 37% من النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين (15-49 سنة)، ويعشن في بلدان مصنفة وفقاً لأهداف التنمية المستدامة على أنها "أقل البلدان نمواً" للعنف الجسدي و / أو الجنسي من الشريك في حياتهن، كما وتتعرض 22% من النساء اللائي يعشن في "أقل البلدان نمواً" لعنف العشير، وهو أعلى بكثير من المتوسط العالمي البالغ 13%.
وبين المجلس الاعلى للسكان في البيان أن أثر العنف ضد المرأة يمتد إلى عائلاتهن ومجتمعاتهن، حيث يتسبب العنف (الجسدي والجنسي والنفسي) في مشاكل صحية جسدية وعقلية وجنسية وإنجابية خطيرة قصيرة وطويلة الأمد للمرأة، كما أنها تؤثر على صحة أطفالهن ورفاههن، ويؤدي هذا العنف إلى تكاليف اجتماعية واقتصادية عالية على الدول، كما يحتد العنف ضد المرأة في سياقات اللجوء، حيث أنه حتى في حالات الاستقرار يعتبر هناك ضعف في عمليات الإبلاغ عن العنف ضد النساء، ويزداد هذا الأمر في الأزمات، كما يمكن أن تؤدي الأزمات الإنسانية وحالات الهشاشة على نطاق أوسع إلى تفاقم التعرض لأشكال مختلفة من العنف ضد المرأة.
وأوصى المجلس بأهمية العمل على تغيير المواقف تجاه ممارسات العنف على كافة المستويات، والنظر إلى العنف ضد المرأة كشأن عام لا يخصها وحدها فقط، واشراك الرجال والفتيان ليصبحوا وكلاء التغيير، إلى جانب أهمية الاستماع للناجيات ودعمهن، ورفع وعي الأجيال القادمة بحقوق الانسان، وكافة الصور النمطية الضارة.
كما يوصي المجلس بكسب تأييد صناع القرار في دعم قضايا وقف التمييز ضد المرأة وحمايتها من العنف، إلى جانب إعادة النظر في بعض الأحكام الخاصة في العديد من التشريعات الوطنية والتعليمات التنفيذية التي تحتاج إلى التعديل والتطوير لتتلاءم مع مبادئ حقوق الإنسان وإزالة ما تبقى من مواد فيها تمييز ضد المرأة، والعمل على تحسين فرص وصولها للعدالة، نظراُ لكون ظاهرة العنف ضد المرأة بمختلف أنواعه الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والإلكتروني واللفظي والجسدي والنفسي والعنف الأسري هي الأولوية الثالثة ضمن أولويات المرأة في الأردن.